مذكرة مرفوعة إلى صاحب الجاللة نصره
بخصوص التقرير المتعلق ببرنامج التنمية المجالية إلقليم الحسيمة "منارة المتوسط"
موالي صاحب الجاللة،
لي عظيم الشرف أن أرفع إلى جاللتكم التقرير المتعلق ببرنامج التنمية المجالية إلقليم الحسيمة "منارة المتوسط" وذلك طبقا ألحكام الدستور ومقتضيات القانون رقم 62- 99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية. موالي، تنفيذا لتعليماتكم السامية، قام المجلس األعلى للحسابات بفحص برنامج التنمية المجالية إلقليم الحسيمة "منارة المتوسط" وذلك في إطار اختصاصاته في مجال تقييم المشاريع العمومية. وإلنجاز هذه المهمة، قام المجلس بدراسة التقرير المعد من قبل المفتشية العامة لإلدارة الترابية والمفتشية العامة للمالية، والذي تسلمه المجلس من الحكومة بتاريخ 3 أكتوبر 2017 طبقا لمقتضيات المادة 109 من مدونة المحاكم المالية. كما قام المجلس األعلى للحسابات بدراسة الوثائق والبيانات المقدمة إليه بناء على طلبه، من لدن الوزارات واألجهزة العمومية المشاركة في هذا البرنامج. كما قام المجلس باالستماع إلى عدد من مسؤولي األجهزة العمومية المعنية. كما طلب المجلس من جميع األطراف تقديم وثائق ومعلومات إضافية تتعلق بمدى تقدم اإلنجازات إلى غاية متم شهر شتنبر 2017 . 2 وبالرغم من أن مراجعة الوثائق والبيانات لم تسفر عن الوقوف على حاالت غش أو اختالس، فإن المجلس سجل بالمقابل عدة اختالالت شابت مرحلتي إعداد وتنفيذ هذا البرنامج. ففيما يتعلق بمرحلة اإلعداد، تبين من دراسة مكونات هذا البرنامج أنه لم ينبثق عن رؤية استراتيجية مندمجة تتقاسمها جميع األطراف، إذ تبين أن إعداد المشاريع المكونة لهذا البرنامج لم يتم بالدقة المطلوبة، حيث إن الجدول الزمني التوقعي إلنجازها اكتفى بتحديد المساهمات السنوية لألطراف المشاركة، إذ أنه في غياب المبالغ المرصودة لكل مشروع على حدة، تبقى هذه المساهمات ذات طابع تقديري. أما فيما يخص االتفاقية-اإلطار التي تم توقيعها أمام جاللة الملك بتاريخ 17 أكتوبر 2015 بتطوان والتي تشكل اإلطار التعاقدي بين جميع األطراف، فإنه كان على كل من وزارة الداخلية ووالية الجهة أن تتأكد أنها مدعمة بمستندات أساسية كقائمة المشاريع المدرجة في البرنامج والتقديرات المحينة للتكاليف المرتقبة ومصادر التمويل، عوض اقتصارها على مقتضيات ذات طابع عام. وفيما يتعلق بحكامة البرنامج، فإن االتفاقية-اإلطار نصت على إحداث لجنة محلية للتتبع والتنسيق يترأسها عامل إقليم الحسيمة ولجنة مركزية للتتبع دون تحديد رئيسها. وقد الحظ المجلس بهذا الخصوص أن اللجنة المحلية للتتبع والتنسيق لم تتمكن من تعبئة جميع المتدخلين بشكل يضمن المساهمة الفعلية والدينامية الالزمة النطالق البرنامج على أسس متينة. أما بالنسبة للجنة المركزية، فلم تتطرق إلى نقط أساسية كالجدول الزمني إلنجاز المشاريع المبرمجة أو الميزانيات المتعلقة بها، إال خالل اجتماعها األول المنعقد في فبراير 2017 ،أي بعد 16 شهرا من توقيع االتفاقية- اإلطار. وبالنظر إلى أهمية هذا البرنامج والميزانية المرصودة له والعدد المهم من الشركاء وآجال إنجازه، كان من األنسب أن تكون مهام القيادة على مستوى الحكومة واللجنة الوزارية للتتبع، وليس على مستوى عامل اإلقليم، خصوصا خالل مرحلة انطالق 3 البرنامج، وذلك لمعالجة اإلكراهات المتعلقة أساسا بمحتوى المشاريع، وتعبئة العقار، والتمويل، والقيام بالتحكيم كلما دعت الضرورة إلى ذلك. أما فيما يتعلق بإنجاز البرنامج، يا موالي، فقد اتسم ببطء انطالقته، حيث أنه منذ التوقيع على االتفاقية اإلطار في أكتوبر 2015 وإلى غاية شهر فبراير 2017 ،الحظ المجلس ضعف، بل غياب أية مبادرة فعلية للشروع في إنجاز المشاريع من قبل أغلبية المتدخلين على المستويين المركزي والمحلي. إذ أنه من بين 644 مشروعا مبرمجا لم تسجل حصيلة سنة 2016 سوى إنجاز 5 مشاريع بقيمة 8,146 مليون درهم والبدء في إنجاز 45 مشروعا آخرا بقيمة 565 مليون درهم. وقد عللت عدة أطراف أسباب تعثر إطالق المشاريع بتوصلها المتأخر بوثيقة االتفاقية-اإلطار وعدم برمجة االعتمادات المالية، باإلضافة الى صعوبات واجهتها في تعبئة العقار. ويعتبر المجلس األعلى للحسابات أن هذه التعليالت ال يمكن أن تبرر عدم اتخاذ المبادرة للشروع في تنفيذ البرنامج، إذ كان باإلمكان تفادي التأخير في تبليغ وثيقة االتفاقية بإرسال نسخ مصادق عليها الى جميع األطراف غداة التوقيع عليها. كما كان على الحكومة االستجابة للطلبات التي قدمتها بعض القطاعات الوزارية من أجل توفير االعتمادات المالية الكفيلة بتمكينها من الوفاء بالتزاماتها. ومن جهة أخرى، كان من المفروض إيالء عناية خاصة لتعبئة العقار نظرا لإلكراهات المتعلقة به على صعيد الجهة والمرتبطة أساسا بندرة الوعاء العقاري وتكلفته المرتفعة وتعدد أنظمته القانونية من ملك خاص، وأوقاف، وأمالك مخزنية، وأراضي المياه والغابات. وتجدر اإلشارة الى أنه بعد تنصيب الحكومة الجديدة، وخاصة بعد المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 25 يونيو 2017 ،الحظ المجلس دينامية جديدة أدت الى تسجيل تحسن ملموس في تنفيذ البرنامج. وبناء على الوثائق المدلى بها حول وضعية تقدم إنجاز المشاريع، فإنه وإلى غاية متم شتنبر 2017 ،ارتفع عدد المشاريع في طور اإلنجاز أو في مرحلة االنطالق إلى 512 مشروعا، بمبلغ إجمالي قدره 9,3 مليار درهم. 4 كما تم التوقيع خالل الفترة ما بين يناير ويوليوز 2017 على 12 اتفاقية خاصة بين وكالة تنمية أقاليم الشمال ومجموعة من األطراف، أسندت بموجبها للوكالة مهمة "صاحب المشروع" قصد إنجاز عدد مهم من المشاريع. وي عت بر المجلس األعلى للحسابات أن قرار تكليف الوكالة بإنجاز عدد كبير من المشاريع بمبلغ إجمالي يفوق 3 مليار درهم، أي 46 % من مجموع ميزانية ع رض تنفيذ المشاريع الى مجموعة من المخاطر من حيث التتبع والتكلفة البرنامج، ي واآلجال، بحيث يتساءل المجلس حول قدرة الوكالة على تنفيذ برنامج من هذا الحجم ينضاف إلى برامجها االعتيادية التي تنجزها في أقاليم الشمال األخرى، وذلك بالنظر إلى إمكانياتها البشرية المحدودة. ويرى المجلس أن اللجوء المتسرع إلى خدمات الوكالة من طرف عدة قطاعات وزارية، كالتربية الوطنية والصحة والشبيبة والرياضة والثقافة والبيئة، يبقى غير مبرر ويعكس ميال نحو التملص من التزاماتها على حساب هذه الوكالة، وذلك بالرغم من توفر هذه الوزارات على القدرات الالزمة والخبرة الكافية إلنجاز مشاريع مماثلة يتم تنفيذها بصفة اعتيادية على الصعيد الوطني. وبناء عليه، يوصي المجلس األعلى للحسابات هذه القطاعات الوزارية بتسريع القيام بالدراسات األولية الضرورية، واقتناء وتصفية العقار، والحرص على صرف مساهماتها المالية إلى الوكالة بشكل منتظم، والعمل على تدعيم المصالح التابعة لها على المستوى المحلي لضمان تتبع مالئم إلنجاز مشاريعها. وفيما يتعلق ببعض القطاعات، يوصي المجلس بما يلي: بالنسبة لوزارة السكنى وسياسة المدينة، الحظ المجلس أن االتفاقية التي أبرمتها الوزارة مع وكالة تنمية الشمال لم يتم التأشير عليها إال في غشت 2016 ،وأنه من أصل 220 مليون درهم المرصودة لسنتي 2016 و2017 ،لم تحول منها لفائدة الوكالة إال 50 مليون درهم. وبهذا الخصوص يوصي المجلس بالتسريع في إنجاز الدراسات المتعلقة بتدعيم وتقوية التربة في حي بوجيبار. كما يوصي الوزارة بدعم وكالة الشمال عن طريق التتبع عن قرب للمشاريع التي تدخل ضمن اختصاصاتها. 5 وفيما يخص وزارة السياحة، وبالنظر إلى التأخر المسجل في إطالق برنامج إنعاش السياحة باإلقليم، يوصي المجلس بتدعيم وتنويع أنشطة الترويج التي تم القيام بها خالل صيف 2017 وذلك اعتبارا ألهمية السياحة في اقتصاد المنطقة. أما بخصوص المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، يوصي المجلس بتأمين تزويد المنطقة بالماء الصالح للشرب الذي يشكل مصدر قلق للسلطات المحلية واستدراك التأخر المسجل في إنجاز محطة تحلية مياه البحر وكذا مشروع ربط شبكة الماء بسد بوهودة. وفيما يتعلق بمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، يوصي المجلس بالحرص على إنجاز مركزي التكوين المهني ببني بوعياش وإساكن لضمان افتتاحهما في الدخول المدرسي المقبل، وتدارك التأخر الحاصل في اإلعالن عن طلبات العروض وإسناد الصفقات الذي لم يتم إال في شهر أكتوبر الجاري. موالي صاحب الجاللة، على صعيد آخر، الحظ المجلس تسريعا في وتيرة اإلنجاز من قبل قطاعات وزارية أخرى كالتجهيز والماء والفالحة والمياه والغابات، بالرغم من أن مشاريعها انطلقت بشكل بطيء. حيث أن بعض الوزارات دعمت بشكل ملحوظ برامجها مما يجعلها في وضعية تمكنها من تحقيق أهدافها في اآلجال المحددة. فبالنسبة للوزارة المكلفة بالتجهيز، يوصي المجلس األعلى للحسابات بتسريع انجاز مشاريع فك العزلة عن اإلقليم بصفة عامة، وال سيما المقاطع الطرقية المندرجة في برنامج منارة المتوسط والتي ارتفعت ميزانيتها من 464 إلى 714 مليون درهم، باإلضافة الى اتخاذ جميع اإلجراءات الكفيلة بإتمام أشغال الطريق السريع تازة- الحسيمة في أقرب اآلجال، وذلك نظرا ألهميته بالنسبة للمنطقة. ونظرا لحساسية إشكالية الماء في المنطقة، يتوجب على الوزارة إيالء اهتمام خاص لمختلف مشاريع التزود بالماء التي تشرف عليها كل من كتابة الدولة في الماء ووكالة الحوض المائي والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. 6 وبخصوص وزارة الفالحة وإلى غاية آخر شتنبر 2017 ،قامت الوزارة بتعبئة مبلغ 233 مليون درهم، مما يغطي 182 % من البرنامج األصلي للمسالك الطرقية القروية و102 % من برنامج غرس االشجار المثمرة. وقد عرف هذا البرنامج عزى إلى الطابع الفصلي لعملية غرس تسريعا في وتيرة إنجازه بعد انطالقة صعبة ت األشجار المثمرة وكذا الى ضرورة تجميع الفالحين في منظمات مهنية. أما بالنسبة للمتحف البحري وبعد أن تم تحديد وعائه العقاري، فإن المجلس األعلى للحسابات يوصي بتسريع انجاز الدراسات المتعلقة به لضمان إطالق هذا الورش في أقرب اآلجال. أما بالنسبة للمندوبية السامية للمياه والغابات المنخرطة في إنجاز متحف ايكولوجي بالحسيمة ومرصد علمي بحري في إ زمو رن بشراكة مع المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، يوصي المجلس األعلى للحسابات بتسريع انجاز الدراسات المرتبطة بهذين المشروعين والتي تتطلب خبرة خاصة. ومن جهة أخرى، يا موالي، تجدر اإلشارة أن االتفاقية اإلطار خصصت مبلغ 2,1 مليار درهم كمساهمة من وزارة الداخلية لفائدة المجلس اإلقليمي ومبلغ 600 مليون درهم من وزارة المالية لفائدة مجلس الجهة، دون تحديد المشاريع المزمع تمويلها بواسطة هذه المساهمات. وحتى بعد التوقيع على االتفاقية اإلطار، فإن وزارتي الداخلية والمالية لم تقوما بإعداد برامج استعمال هذه المساهمات بالتشاور مع المجلسين المعنيين . وتبعا لذلك، قامت وزارة الداخلية بتحويل مساهمتها نحو وكالة الشمال عوضا عن المجلس اإلقليمي. أما بالنسبة للجهة فقد توصلت بمبلغ 250 مليون درهم من وزارة المالية، ظل مجمدا لمدة سنة كاملة في غياب برنامج لالستعمال، ليتقرر بعد ذلك تحويله إلى وكالة تنمية الشمال من أجل تمويل برنامج طرقي إضافي لوزارة التجهيز. ولتجاوز االختالالت السابق ذكرها والتي تعزى أساسا إلى نقائص في منظومة الحكامة، يوصي المجلس األعلى للحسابات بما يلي: 7 - ضرورة إسناد رئاسة اللجنة المركزية للتتبع لوزير الداخلية. كما يجب أن تجتمع هذه اللجنة في أقرب اآلجال من أجل البت في المشاكل التي ال زالت تعيق تنفيذ البرنامج والمرتبطة أساسا بتعبئة التمويل الالزم وتصفية العقار وإتمام الدراسات. - يجب على اللجنة المركزية أن تسهر على انسجام البرنامج سواء فيما يتعلق بمكوناته أو فيما يخص عالقته بباقي البرامج االقتصادية واالجتماعية المنفذة على مستوى الجهة كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وصندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية، وصندوق التنمية الفالحية. - كما يجب على اللجنة المركزية أن تجتمع بصفة دورية، كل 3 أشهر على األقل، وكلما دعت الضرورة إلى ذلك. ويتعين على كل األطراف االلتزام بتعيين مسؤول سام، من مستوى كاتب عام أو مدير، يكلف بتتبع إنجاز المشاريع المتعلقة بإدارته. - تحديد وتيرة شهرية الجتماعات اللجنة المحلية من أجل تتبع انجاز المشاريع عن قرب وإرساء آليات للتنسيق ورفع التقارير باعتماد مؤشرات مناسبة. - إيالء انتباه خاص للمخاطر التي تهدد وكالة الشمال بالنظر الى الحجم الكبير للمشاريع التي أصبحت مكلفة بها، والسهر على أن يقوم كل طرف متعاقد معها بتحمل مسؤولياته فيما يخص تنفيذ وتتبع المشاريع المسندة للوكالة. وفي األخير، يقترح المجلس األعلى للحسابات االستناد على منجزات برنامج منارة المتوسط من أجل بلورة برنامج مندمج للتنمية االقتصادية واالجتماعية للجهة.
منقول